ما الذي يدفع الإنسان للتغيير, التطور, الرُقي, التحضر ؟
تعددت الإجابات على هذا السؤال, فمن قائل أن الحروب هي محرك التطور, إلى آخر أشار لدور الأديان العظيم في دفع العقل البشري للإمام, إلى أن وصلنا لدور العقل البشري نفسه كمحفز دائم للتغيير ....
وعندما نظرت لمسار التاريخ وأحداثه وأهم أسباب تطور الجنس البشري خلاله لم أجد سوى مُحرك واحد فقط يدفع بقوة وعنفوان العقل الإنساني للتغيير وبدون تردد, هذا المحرك الأهم من وجهة نظري هو داف (التمرد), نعم, التمرد هو الحدث الأكثر تأثيراً على مستوى الوعي البشري, الأكثر دفعاً للحضارة والرقي, القادر وبنجاح مستمر على تصادم العقول والتصارع للفوز بالأفضل والمحفز للخروج عن المألوف والنظر خارج سياق القطيع, ولننظر نظرة سريعة للتاريخ ونرى ماذا أحدث فيه التمرد من تغييرات كانت السبب الأكبر لتغيير الواقع سواء للأفضل أو للأسوأ :
1 - فلاسفة اليونان لم يصلوا لتأسيس حضارة بلادهم إلا بالتمرد الفكري على الواقع, لم نتفكيرهم حدود, تعرضوا لكثير من المضايقات, لكن لقوة عقيدة تمردهم لم يقفوا أمام العقبات وإستمروا حتى أصبحوا الأكثر تأثيراً على الوعي البشري على مر التاريخ, تكلموا في كل شيء, تنافسوا على من يخرج بالفلسفة المثالية التي تفسر ما تعجز العقول المتيبسة عن تفسيره, إختلفوا وكان لإختلافهم فائدة كبيرة في غزارة الأفكار وما حدث من تطور لها جميعاً فيما بعد, منهم من بجّل المادة, ومنهم من إرتفع بمستوى الروح, ومنهم من كان عابثاً يلهو بالحياة, ومنهم من أنشأ القوانين المنظمة التي لازلنا نستخدمها حتى الآن, هؤلاء تمردوا فإمتد تأثير تمردهم الآف السنين, ولولا خروجهم من القطيع لتأخر التطور البشري كثيراً.
2 - لا نعرف الأنبياء وجد حقاً ومن كان مجرد إسطورة تضخمت بفعل الحكي والتداول والتوارث, لكن الؤكد لدينا أن أي نبي وجد في أي زمان هو ناتج لتمرده على كجتمعه, وكل القصص الدينية وحتى الأساطير الشعبية التي تتكلم عن أبطال غيروا وجه التاريخ كان الدافع الأساسي فيها هو التمرد على الواقع و(الإلحاد) عن الطريق المتعارف, ومن هنا يقول البعض أن الأنبياءي الأصل هم ملحدون إتخذوا شكل ديني مخالف لما هو متعارف عليه في محيطهم, وإلحادهم هنا ليس إنكار لوجود الإله ككل, وإنما هو تبديل لإله مكان إله آخر, وفي العُرف القبلي وقتها يهد إلحاداً, حيث أن الإلحاد بمفهومه الحالي يعتبر حديث بالنسبة للتاريخ, وقد نقول على الأنبياء أنهم كانوا (كفرة) بدين آبائهم وعشيرتهم مثلاً, لكننا إذا طبقنا كلمة (إلحاد) على موقفهم وقتها سنجد أنها متطابقة تماماً, فهم (ألحدوا) عن طريق الأجداد وإتخذوا آلهه مختلفة عن آلهة قبيلتهم, ومن هنا يبرز التمرد على القبيلة كدافع أول لتغيير الفكر السائد لفكر آخر بغض النظر عن كونه أفضل أو اسوأ, فقد يكون اسوأ لمن يعاصر التغيير, وقد يكون أفضل لما يأتي بعدهم ويعيش الواقع المتغير على أنه الثابت الذي ولد عليه, وبالتالي لا يمكن مقارنته بما لم يعشه, فيعتبره الأفضل لأنه لم يعرف غيره ! فهو الحال مثلاً في مصر, فكثير من المصريين لم يعاصروا ملكية مثلاً, ولكنهم عاصروا الجمهورية بمراحلها المختلفة, وبالتالي إذا سألتهم من منهم الأفضل سيردون أنهم لا يعرفون ولكنهم يعيشون ما يرونه فقط بلا تفكير في الماضي, وهو ما حدث بالنسبة للأديان, فدوماً كان التغيير مستمر بتوالي الأنبياء أو المبشرين, ودوماً كان التمرد على الواقع هو الدافع.
3 - القائد العسكري الذي يتمرد على واقعه يفعل المعجزات, وهو ما حدث مع جنكيز خان ونابليون بونابرت وهتلر على سبيل المثال, كلاً منهم تمرد على كون دولته ذات حدود ثابته لم تتوسع من زمن, وكلاً منهم ثار على الواقع وقاد جيوش دولته لتغييره, وإذا نظرنا للرسول محمد مثلاً سنجد أنه جمع بين التمرد الديني والتمرد العسكري على ماهو سائد, فمن تمرد على عبادة الاصنام والأوثان وتغيير المعتقد السائد للتوحيد, إلى تمرد على حدود قبيلته وما حولها والنظر إلى ما وراء البحار, التمرد هنهو ما دفع أبناء قبائل بدوية لا حضارة لهم ولا فكر ولا تراث عالمي إلى جيوش جرارة ومفكرين عظماء وفلاسفة وعلماء, ولولا تمرد الرسول محمد لما تقدموا قيد أنملة عما كانوا عليه, ولأنهم لم يتمردوا على ما جاء به الرسول بعد موته بفترة طويلة أو قصيرة ظل حالهم على ما هو عليه حتى الآن, فقد تيبست العقول وتحجرت الأفكار ولم تنجح حركات التنوير والتحرر والتقدم التي قادها عظماء المفكرين التونيريين الإسلاميين مثل بن رشد أو الأفغاني أو محمد عبده, بل تم إجهاضها عن عمد وأُهيل عليها التراب حتى لا ترى النور, وهو ما أدى لقتل روح التمرد التطورية وحفظ الشعوب الإسلامية في ثلاجة الخضوع والخنوع والطاعة والإعتماد على فكر السلف الصالح الذي لا خلاف عليه, قتل روح التمرد الإسلامية جعل المسلمين في أواخر الأمم وأدناها مرتبة بين الشعوب, ورغم أن مؤسس الدين والدولة الإسلامية لم يكن ليتحرك قيد أنملة لولا التم إلا أن أحفاده فضلوا إتباع سننه من سواك ولحية وحف للشوارب بدلاً من إتباع حركته التمردية التي طورت شعبه ورفعت من شأن قبيلته في الدول التي إحتلها.
تلك النقاط التي أوردناها بالأعلى مجرد أمثلة بسيطة على قدرة التمرد على تغيير الواقع الإنساني, والغرض الأساسي من تمجيد التمرد وتعظيمه في هذا الموضوع هو تمجيد وتعظيم كل من إتبعه سواء قرآني أو لا ديني ألوهي أو ملحد, فكلاً منهم تمرد على واقعه, وكلاً منهم أعمل عقله ليخرج من القطيع, وكلاً منهم ساعد ويساعد في دفع غيره للتطور والتحضر والتقدم, وهي غاية التمرد ورسالته الأسمى, فتحية لكل متمرد, وتحية لكل من (ألحد) عن الطريق السائد ورمى بعرض الحائط كل الإنتقادات لإلحاده।
الموضوع بالكامل على منتدى الملحدين العرب
تعددت الإجابات على هذا السؤال, فمن قائل أن الحروب هي محرك التطور, إلى آخر أشار لدور الأديان العظيم في دفع العقل البشري للإمام, إلى أن وصلنا لدور العقل البشري نفسه كمحفز دائم للتغيير ....
وعندما نظرت لمسار التاريخ وأحداثه وأهم أسباب تطور الجنس البشري خلاله لم أجد سوى مُحرك واحد فقط يدفع بقوة وعنفوان العقل الإنساني للتغيير وبدون تردد, هذا المحرك الأهم من وجهة نظري هو داف (التمرد), نعم, التمرد هو الحدث الأكثر تأثيراً على مستوى الوعي البشري, الأكثر دفعاً للحضارة والرقي, القادر وبنجاح مستمر على تصادم العقول والتصارع للفوز بالأفضل والمحفز للخروج عن المألوف والنظر خارج سياق القطيع, ولننظر نظرة سريعة للتاريخ ونرى ماذا أحدث فيه التمرد من تغييرات كانت السبب الأكبر لتغيير الواقع سواء للأفضل أو للأسوأ :
1 - فلاسفة اليونان لم يصلوا لتأسيس حضارة بلادهم إلا بالتمرد الفكري على الواقع, لم نتفكيرهم حدود, تعرضوا لكثير من المضايقات, لكن لقوة عقيدة تمردهم لم يقفوا أمام العقبات وإستمروا حتى أصبحوا الأكثر تأثيراً على الوعي البشري على مر التاريخ, تكلموا في كل شيء, تنافسوا على من يخرج بالفلسفة المثالية التي تفسر ما تعجز العقول المتيبسة عن تفسيره, إختلفوا وكان لإختلافهم فائدة كبيرة في غزارة الأفكار وما حدث من تطور لها جميعاً فيما بعد, منهم من بجّل المادة, ومنهم من إرتفع بمستوى الروح, ومنهم من كان عابثاً يلهو بالحياة, ومنهم من أنشأ القوانين المنظمة التي لازلنا نستخدمها حتى الآن, هؤلاء تمردوا فإمتد تأثير تمردهم الآف السنين, ولولا خروجهم من القطيع لتأخر التطور البشري كثيراً.
2 - لا نعرف الأنبياء وجد حقاً ومن كان مجرد إسطورة تضخمت بفعل الحكي والتداول والتوارث, لكن الؤكد لدينا أن أي نبي وجد في أي زمان هو ناتج لتمرده على كجتمعه, وكل القصص الدينية وحتى الأساطير الشعبية التي تتكلم عن أبطال غيروا وجه التاريخ كان الدافع الأساسي فيها هو التمرد على الواقع و(الإلحاد) عن الطريق المتعارف, ومن هنا يقول البعض أن الأنبياءي الأصل هم ملحدون إتخذوا شكل ديني مخالف لما هو متعارف عليه في محيطهم, وإلحادهم هنا ليس إنكار لوجود الإله ككل, وإنما هو تبديل لإله مكان إله آخر, وفي العُرف القبلي وقتها يهد إلحاداً, حيث أن الإلحاد بمفهومه الحالي يعتبر حديث بالنسبة للتاريخ, وقد نقول على الأنبياء أنهم كانوا (كفرة) بدين آبائهم وعشيرتهم مثلاً, لكننا إذا طبقنا كلمة (إلحاد) على موقفهم وقتها سنجد أنها متطابقة تماماً, فهم (ألحدوا) عن طريق الأجداد وإتخذوا آلهه مختلفة عن آلهة قبيلتهم, ومن هنا يبرز التمرد على القبيلة كدافع أول لتغيير الفكر السائد لفكر آخر بغض النظر عن كونه أفضل أو اسوأ, فقد يكون اسوأ لمن يعاصر التغيير, وقد يكون أفضل لما يأتي بعدهم ويعيش الواقع المتغير على أنه الثابت الذي ولد عليه, وبالتالي لا يمكن مقارنته بما لم يعشه, فيعتبره الأفضل لأنه لم يعرف غيره ! فهو الحال مثلاً في مصر, فكثير من المصريين لم يعاصروا ملكية مثلاً, ولكنهم عاصروا الجمهورية بمراحلها المختلفة, وبالتالي إذا سألتهم من منهم الأفضل سيردون أنهم لا يعرفون ولكنهم يعيشون ما يرونه فقط بلا تفكير في الماضي, وهو ما حدث بالنسبة للأديان, فدوماً كان التغيير مستمر بتوالي الأنبياء أو المبشرين, ودوماً كان التمرد على الواقع هو الدافع.
3 - القائد العسكري الذي يتمرد على واقعه يفعل المعجزات, وهو ما حدث مع جنكيز خان ونابليون بونابرت وهتلر على سبيل المثال, كلاً منهم تمرد على كون دولته ذات حدود ثابته لم تتوسع من زمن, وكلاً منهم ثار على الواقع وقاد جيوش دولته لتغييره, وإذا نظرنا للرسول محمد مثلاً سنجد أنه جمع بين التمرد الديني والتمرد العسكري على ماهو سائد, فمن تمرد على عبادة الاصنام والأوثان وتغيير المعتقد السائد للتوحيد, إلى تمرد على حدود قبيلته وما حولها والنظر إلى ما وراء البحار, التمرد هنهو ما دفع أبناء قبائل بدوية لا حضارة لهم ولا فكر ولا تراث عالمي إلى جيوش جرارة ومفكرين عظماء وفلاسفة وعلماء, ولولا تمرد الرسول محمد لما تقدموا قيد أنملة عما كانوا عليه, ولأنهم لم يتمردوا على ما جاء به الرسول بعد موته بفترة طويلة أو قصيرة ظل حالهم على ما هو عليه حتى الآن, فقد تيبست العقول وتحجرت الأفكار ولم تنجح حركات التنوير والتحرر والتقدم التي قادها عظماء المفكرين التونيريين الإسلاميين مثل بن رشد أو الأفغاني أو محمد عبده, بل تم إجهاضها عن عمد وأُهيل عليها التراب حتى لا ترى النور, وهو ما أدى لقتل روح التمرد التطورية وحفظ الشعوب الإسلامية في ثلاجة الخضوع والخنوع والطاعة والإعتماد على فكر السلف الصالح الذي لا خلاف عليه, قتل روح التمرد الإسلامية جعل المسلمين في أواخر الأمم وأدناها مرتبة بين الشعوب, ورغم أن مؤسس الدين والدولة الإسلامية لم يكن ليتحرك قيد أنملة لولا التم إلا أن أحفاده فضلوا إتباع سننه من سواك ولحية وحف للشوارب بدلاً من إتباع حركته التمردية التي طورت شعبه ورفعت من شأن قبيلته في الدول التي إحتلها.
تلك النقاط التي أوردناها بالأعلى مجرد أمثلة بسيطة على قدرة التمرد على تغيير الواقع الإنساني, والغرض الأساسي من تمجيد التمرد وتعظيمه في هذا الموضوع هو تمجيد وتعظيم كل من إتبعه سواء قرآني أو لا ديني ألوهي أو ملحد, فكلاً منهم تمرد على واقعه, وكلاً منهم أعمل عقله ليخرج من القطيع, وكلاً منهم ساعد ويساعد في دفع غيره للتطور والتحضر والتقدم, وهي غاية التمرد ورسالته الأسمى, فتحية لكل متمرد, وتحية لكل من (ألحد) عن الطريق السائد ورمى بعرض الحائط كل الإنتقادات لإلحاده।
الموضوع بالكامل على منتدى الملحدين العرب
No comments:
Post a Comment