ما مستقبل الأديان والآلهة بالنسبة للبشر ؟
من ناحية يقول البعض أن المستقبل للإلحاد واللادينية فقط لا غير, ويبررون إستنتاجهم على فكرة تطور الوعي البشري على مر الزمان, وهو وعي مرتبط إرتباط وثيق بالتقدم العلمي والفكري والفلسفي أيضاً, ويستشهد الفريق المؤيد لحتمية الإلحاد بأن المجتمعات المتطورة الآن بدأت بالفعل في التوجه نحو الإلحاد واللادينية وتهميش أي دور فعلي للدين والرب في المجتمع, ويقال أن تلك الخطوة بدأت في الدول الغنية لإرتفاع مستوى المعيشة وتطور الأساليب التعليمية والتقدم العلمي الغير مسبوق في تاريخ البشرية والذي إنطلق من أراضيها, وبالتالي ستنتقل فكرة الإلحاد واللادينية بمرور الوقت للمجتمعات الأقل كما إنتقلت التكنولوجيا ووسائل التعليم ومفردات العمل السياسي إليها من قبل, ويرى أصحاب هذا الرأي أنه بمرور الوقت سيتم تفسير نشأة الكون بصورة علمية لا شك فيها, وستنتهي تماماً فكرة الخلق من العد وستعتبر فكرة ميتافيزيقية غير قابلة للتصديق على الإطلاق, وستنتقل تلك النظرية إلى رفوف التاريخ البشري القديم مثل ديانات الفراعنة والبابليين والأغريق الآن, وسيتندر البشر وقتها على الكيفية التي صدق بها البعض فكرة الخالق الإله وفكرة نزول أديان منه لهداية البشر ....
هذا من جانب .....
من جانب آخر يرى البعض أن مستقبل البشرية الفكري سيعتمد بشكل أساسي على مدى توافر الطاقة من عدمها, ويستند هذا الفريق لأن توافر مصادر الطاقة سيتيح للبشريو تقدم أعلى ووفرة في تصنيع الوسائل التكنولوجية التي عن طريقها سيفسرون كل ما كان ينسب من قبل للإله والأديان, وبالتالي ستتقدم البشرية خطوة أكبر نحو الإلحاد واللادينية, أما إذا واجهت البشرية خطر نفاذ مصادر الطاقة فسيعود البشر مرة أخرى لفكرة الإله القادر على كل شيء والذي سيكون وقتها المنقذ الوحيد لهم من هلاك محقق بفعل نفاذ مصادر الطاقة اللازمة للحياة, وبالتالي ربط هذا الفريق بين الطاقة كمصدر أساسي لتطور العلوم البشرية وبالتالي تطور وعيها ناحية الإلحاد, وبين نفاذها وبقاء البشرية على حالها أو التأخر للوراء .....
جانب ثالث يرى أن فكرة الأديان والإله إستمرت منذ بدء تكوين المجتمعات البشرية منذ فجر التاريخ ولازالت للآن قوية ومستمرة, وبالتالي لا يوجد ما يمنع إستمرار وجودها وتطورها بما يناسب المجتمعات الحديثة والتقدم العلمي والربط بينهما (العلم والدين والإله), ويستشهد هذا الفريق بقوة التدين الآن على مستوى العالم (ماعدا أوروبا) لدرجة أن 90% من الشعب الأمريكي مثلاً متدين, ويقول أيضاً هذا الفريق أن الأديان لن تنتهي مهما تطور الوعي البشري وذلك لوجود فطرة عامة في البشر تميل للإعتقاد بوجود إله له أديان ينبغي إتباعها, أو على الأقل وجود إله يستلزم العبادة والتقرب منه ....
الآن وبعد عرض كافة الآراء بشأن مستقبل الأديان والإله للبشرية, كيف ترون هذا المستقبل من وجهة نظركم زملائي الأعزاء ؟
الموضوع بالكامل على منتدى الملحدين العرب
"وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ"
سورة الطلاق آية "4" ....
كثيراً ما تساءلت عن سر عدة الثلاثة أشهر, هل يمكن أن ينقطع طمث المرأة أكثر من شهر ونصف مثلاً ويصبح هناك شك في حملها ؟ أو شهرين على أكثر تقدير ؟ لماذا ثلاثة أشهر إذا كان العلم قد مكننا من أن نعرف ما إذا كانت المرأة حامل أم لا ومن أول إسبوع ؟
هل حقاً القرآن صالح لكل زمان ولكل مكان طبقاً لما أوردناه سابقاً ؟
يقول الطبري :
قوله : { إن ارتبتم } إن لم تعلموا التي قعدت عن الحيضة , والتي لم تحض , فعدتهن ثلاثة أشهر । 26579 -حدثنا ابن عبد الأعلى , قال : ثنا ابن ثور , عن معمر , عن الزهري { إن ارتبتم } قال : في كبرها أن يكون ذلك من الكبر , فإنها تعتد حين ترتاب ثلاثة أشهر ; فأما إذا ارتفعت حيضة المرأة وهي شابة , فإنه يتأنى بها حتى ينظر حامل هي أم غير حامل ؟ فإن استبان حملها , فأجلها أن تضع حملها , فإن لم يستبن حملها , فحتى يستبين بها , وأقصى ذلك سنة .
ثم يقول :
وفي قوله : { إن ارتبتم } وخطابه الرجال بذلك دون النساء الدليل الواضح على صحة ما قلنا من أن معناه : إن ارتبتم أيها الرجال بالحكم فيهن ; وأخرى وهو أنه جل ثناؤه قال : { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم } واليائسة من المحيض هي التي لا ترجو محيضا للكبر , ومحال أن يقال : و اللائي يئسن , ثم يقال : ارتبتم بيأسهن , لأن اليأس : هو انقطاع الرجاء والمرتاب بيأسها مرجو لها , وغير جائز ارتفاع الرجاء ووجوده في وقت واحد , فإذا كان الصواب من القول في ذلك ما قلنا , تبين أن تأويل الآية : واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم بالحكم فيهن , وفي عددهن , فلم تدروا ما هن , فإن حكم عددهن إذا طلقن , وهن ممن دخل بهن أزواجهن , فعدتهن ثلاثة أشهر { واللائي لم يحضن } يقول : وكذلك عدد اللائي لم يحضن من الجواري لصغر إذا طلقهن أزواجهن بعد الدخول । وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل। ذكر من قال ذلك.
لا أعلم هل الطبري حقاً غير مقتنع بمحتوى الآية أم فهمي مغلوط ؟ فهو يقول "ومحال أن يقال : و اللائي يئسن , ثم يقال : ارتبتم بيأسهن , لأن اليأس : هو انقطاع الرجاء والمرتاب بيأسها مرجو لها , وغير جائز ارتفاع الرجاء ووجوده في وقت واحد"
ما أستخلصه من تلك الآية الآتي :
لماذا أصر محمد على جعل العدة ثلاثة أشهر ؟ فهل إذا حاضت المرأة قبل الثلاثة أشهر إنتهت عدتها وحق لها الزواج قبل إنتهاء فترة العدة ؟لماذا لم ينتبه المسلمون أن القرآن في هذه الجزئية غير صالح لزماننا ؟ الآن يمكننا إكتشاف الحمل وقتما نشاء دون عدة !هل من إجابة لتلك التساؤلات ؟
أشكركم جميعاً ....
المصدر :
تفسير الطبري
إليكم نتاج تفكير شهر كامل بلا هوادة في مسألة الخالق والخلق وفكرة الإله ومدى منطقيتها, وأرجو أن تحوز النتائج إعجابكم :
1 - هل يمكن إيجاد الشيء من اللاشيء ؟؟ لا يوجد ما يسمى اللاشيء (العدم) من الأساس !! هل يمكن أن يوجد الموجود من اللاموجود ؟؟ لا يوجد ما يسمى اللاموجود (العدم) من الأساس !!
النتيجة :
لا يمكن الخلق من العدم حسب الفكرة الدينية, من ناحية لا يوجد عدم, ومن ناحية أخرى لا يمكن إيجاد المادة من لاشيء طالما أنه لا يمكن وجود اللاشيء.
2 - إذا انتهينا لفكرة إستحالة وجود العدم وبالتالي الخلق منه وإتفقنا عليها, هل يمكن أن تكون فكرة الصانع صحيحة ؟ هل يستطيع الله أن يصنع من مادة موجودة بالفعل لديه ؟ والرد الطبيعي على تلك الفكرة الآتي :
إذا كان لدى الله المادة وإستخدمها لصنع الكون فلابد أنه هو نفسه جزء من المادة, لأنه لا يمكن لمادته أن تخلق نفسها كما أثبتنا فيما سبق, وكونه جزء من المادة التي يصنع منها يجعله تحت سيطرة تلك المادة, ويخضع لقوانينها, وبالتالي فهو ليس كامل القدرة, ولا يمكن أن يسيطر بشكل مطلق على ما يصنعه, لأن المادة نفسها تخضعه لقوانينها وبالتالي هو يخضع لسيطرتها, وكونه نتج عن المادة الغير عاقلة لا يمكن أن يكون إلا بسبب الصدفة, لأن المادة الغير عاقلة لن تخلق عاقل بإرادتها الحرة كونها غير عاقلة.
النتيجة :
الله محدود القدرة, وهو جزء من المادة, ولا يمكنه التحكم فيها بشكل مطلق.
3 - بما أنه لا يستطيع الخلق, وواقع تحت سيطرة المادة ومحدود القدرة تبعاً لقدرة المادة, فهذا يصل بنا للآتي :
المادة التي هو جزء منها ليست عاقلة, وكونها ليست عاقلة يرجع لتحكمه فيها بالشكل الذي مكنه من صناعة الكون, ولو كانت عاقلة لما سمحت له بالتحكم فيها, إذاً الله كائن عاقل خرج من مادة غير عاقلة.
النتيجة :
المؤمنون يقولون أنه لا يمكن للغير عاقل أن يخلق عاقل (المادة الغير عاقلة لا تستطيع أن تخلق الإنسان العاقل وحدها), ولا يمكن أن تصنع المادة الغير عاقلة الكون بالصدفة, والسؤال الأساسي بناءاً على ما سبق إذا إتفقنا عليه الآتي :
إذا لم يوجد ما ينقض إستنتاجاتي, لماذا يستنكر المؤمنون أزلية المادة وقانون الصدفة في نشاة الكون في حين أنها منطقية إذا ما طبقت على الله نفسه ونشأته ؟
أيضاً :
إذا إتفقنا على كل ما سبق, أيهما أقرب للمنطق, صنع الله الكون من المادة, فلماذا ؟ إذا وجد السبب لكنا الآن نطبقه, ولما كنا إستعنا بالأديان لتعيننا على سببها الغير منطقي وهو العبادة, وإذا لم يوجد السبب فهو غير عاقل, ولا يستطيع الغير عاقل الصناعة, كما لا يستطيع العاقل الصناعة بلا سبب.
أما إذا خضع الكون لقانون النشأة بالصدفة ودون سبب, كون الصدفة غير عاقلة ولا تصنع, فنجد أننا حللنا المشكلة منطقياً ودون خضوع للميتافيزيقيا أو المسكنات الروحية والعقلية, الكون نشأ بالصدفة كما نشأ الله بالصدفة (إذا وجد), وإذا وجد الله بالصدفة ودون سبب فمن الطبيعي أن يوجد الكون أيضاً بالصدفة وبلا سبب, الفرق الطبيعي بينهما أننا لم نرى الله أو نقيسه أو نشعر به مادياً, في حين أننا نرى الكون والمادة ونقيسها ونؤثر فيها ونتأثر بها, فما الأقرب للمنطق والعقل والعلم ؟
بناءاً على ما سبق تنتفي منطقية الأفكار الآتية :
1 - الله خلق الكون من العدم.
2 - الله مطلق القدرة.
3 - الله خلقنا لنعبده.
4 - الله لا موجد له.
5 - الله إن وجد لا يمكن أن يكون إلا جزء من المادة.
6 - قانون نشأة الكون بالصدفة أقرب للمنطق كونه ينطبق على الله نفسه إن وجد وكونه يبرر عبثية الحياة وإنعدام وجود الهدف الواضح منها.
7 - إذا وجد الله فقد وجد من الغير عاقل, وكذلك نحن نقول أن الكون وجد من الغير عاقل أيضاً, فما الفرق ؟
أنتظر الرد من إخواننا المؤمنون على كل نقطة وبنفس الإسلوب المنطقي العلمي والغير خاضع للميتافيزيقيا أو ضد العقل॥
الموضوع بالكامل على منتدى الملحدين العرب
ما الذي يدفع الإنسان للتغيير, التطور, الرُقي, التحضر ؟
تعددت الإجابات على هذا السؤال, فمن قائل أن الحروب هي محرك التطور, إلى آخر أشار لدور الأديان العظيم في دفع العقل البشري للإمام, إلى أن وصلنا لدور العقل البشري نفسه كمحفز دائم للتغيير ....
وعندما نظرت لمسار التاريخ وأحداثه وأهم أسباب تطور الجنس البشري خلاله لم أجد سوى مُحرك واحد فقط يدفع بقوة وعنفوان العقل الإنساني للتغيير وبدون تردد, هذا المحرك الأهم من وجهة نظري هو داف (التمرد), نعم, التمرد هو الحدث الأكثر تأثيراً على مستوى الوعي البشري, الأكثر دفعاً للحضارة والرقي, القادر وبنجاح مستمر على تصادم العقول والتصارع للفوز بالأفضل والمحفز للخروج عن المألوف والنظر خارج سياق القطيع, ولننظر نظرة سريعة للتاريخ ونرى ماذا أحدث فيه التمرد من تغييرات كانت السبب الأكبر لتغيير الواقع سواء للأفضل أو للأسوأ :
1 - فلاسفة اليونان لم يصلوا لتأسيس حضارة بلادهم إلا بالتمرد الفكري على الواقع, لم نتفكيرهم حدود, تعرضوا لكثير من المضايقات, لكن لقوة عقيدة تمردهم لم يقفوا أمام العقبات وإستمروا حتى أصبحوا الأكثر تأثيراً على الوعي البشري على مر التاريخ, تكلموا في كل شيء, تنافسوا على من يخرج بالفلسفة المثالية التي تفسر ما تعجز العقول المتيبسة عن تفسيره, إختلفوا وكان لإختلافهم فائدة كبيرة في غزارة الأفكار وما حدث من تطور لها جميعاً فيما بعد, منهم من بجّل المادة, ومنهم من إرتفع بمستوى الروح, ومنهم من كان عابثاً يلهو بالحياة, ومنهم من أنشأ القوانين المنظمة التي لازلنا نستخدمها حتى الآن, هؤلاء تمردوا فإمتد تأثير تمردهم الآف السنين, ولولا خروجهم من القطيع لتأخر التطور البشري كثيراً.
2 - لا نعرف الأنبياء وجد حقاً ومن كان مجرد إسطورة تضخمت بفعل الحكي والتداول والتوارث, لكن الؤكد لدينا أن أي نبي وجد في أي زمان هو ناتج لتمرده على كجتمعه, وكل القصص الدينية وحتى الأساطير الشعبية التي تتكلم عن أبطال غيروا وجه التاريخ كان الدافع الأساسي فيها هو التمرد على الواقع و(الإلحاد) عن الطريق المتعارف, ومن هنا يقول البعض أن الأنبياءي الأصل هم ملحدون إتخذوا شكل ديني مخالف لما هو متعارف عليه في محيطهم, وإلحادهم هنا ليس إنكار لوجود الإله ككل, وإنما هو تبديل لإله مكان إله آخر, وفي العُرف القبلي وقتها يهد إلحاداً, حيث أن الإلحاد بمفهومه الحالي يعتبر حديث بالنسبة للتاريخ, وقد نقول على الأنبياء أنهم كانوا (كفرة) بدين آبائهم وعشيرتهم مثلاً, لكننا إذا طبقنا كلمة (إلحاد) على موقفهم وقتها سنجد أنها متطابقة تماماً, فهم (ألحدوا) عن طريق الأجداد وإتخذوا آلهه مختلفة عن آلهة قبيلتهم, ومن هنا يبرز التمرد على القبيلة كدافع أول لتغيير الفكر السائد لفكر آخر بغض النظر عن كونه أفضل أو اسوأ, فقد يكون اسوأ لمن يعاصر التغيير, وقد يكون أفضل لما يأتي بعدهم ويعيش الواقع المتغير على أنه الثابت الذي ولد عليه, وبالتالي لا يمكن مقارنته بما لم يعشه, فيعتبره الأفضل لأنه لم يعرف غيره ! فهو الحال مثلاً في مصر, فكثير من المصريين لم يعاصروا ملكية مثلاً, ولكنهم عاصروا الجمهورية بمراحلها المختلفة, وبالتالي إذا سألتهم من منهم الأفضل سيردون أنهم لا يعرفون ولكنهم يعيشون ما يرونه فقط بلا تفكير في الماضي, وهو ما حدث بالنسبة للأديان, فدوماً كان التغيير مستمر بتوالي الأنبياء أو المبشرين, ودوماً كان التمرد على الواقع هو الدافع.
3 - القائد العسكري الذي يتمرد على واقعه يفعل المعجزات, وهو ما حدث مع جنكيز خان ونابليون بونابرت وهتلر على سبيل المثال, كلاً منهم تمرد على كون دولته ذات حدود ثابته لم تتوسع من زمن, وكلاً منهم ثار على الواقع وقاد جيوش دولته لتغييره, وإذا نظرنا للرسول محمد مثلاً سنجد أنه جمع بين التمرد الديني والتمرد العسكري على ماهو سائد, فمن تمرد على عبادة الاصنام والأوثان وتغيير المعتقد السائد للتوحيد, إلى تمرد على حدود قبيلته وما حولها والنظر إلى ما وراء البحار, التمرد هنهو ما دفع أبناء قبائل بدوية لا حضارة لهم ولا فكر ولا تراث عالمي إلى جيوش جرارة ومفكرين عظماء وفلاسفة وعلماء, ولولا تمرد الرسول محمد لما تقدموا قيد أنملة عما كانوا عليه, ولأنهم لم يتمردوا على ما جاء به الرسول بعد موته بفترة طويلة أو قصيرة ظل حالهم على ما هو عليه حتى الآن, فقد تيبست العقول وتحجرت الأفكار ولم تنجح حركات التنوير والتحرر والتقدم التي قادها عظماء المفكرين التونيريين الإسلاميين مثل بن رشد أو الأفغاني أو محمد عبده, بل تم إجهاضها عن عمد وأُهيل عليها التراب حتى لا ترى النور, وهو ما أدى لقتل روح التمرد التطورية وحفظ الشعوب الإسلامية في ثلاجة الخضوع والخنوع والطاعة والإعتماد على فكر السلف الصالح الذي لا خلاف عليه, قتل روح التمرد الإسلامية جعل المسلمين في أواخر الأمم وأدناها مرتبة بين الشعوب, ورغم أن مؤسس الدين والدولة الإسلامية لم يكن ليتحرك قيد أنملة لولا التم إلا أن أحفاده فضلوا إتباع سننه من سواك ولحية وحف للشوارب بدلاً من إتباع حركته التمردية التي طورت شعبه ورفعت من شأن قبيلته في الدول التي إحتلها.
تلك النقاط التي أوردناها بالأعلى مجرد أمثلة بسيطة على قدرة التمرد على تغيير الواقع الإنساني, والغرض الأساسي من تمجيد التمرد وتعظيمه في هذا الموضوع هو تمجيد وتعظيم كل من إتبعه سواء قرآني أو لا ديني ألوهي أو ملحد, فكلاً منهم تمرد على واقعه, وكلاً منهم أعمل عقله ليخرج من القطيع, وكلاً منهم ساعد ويساعد في دفع غيره للتطور والتحضر والتقدم, وهي غاية التمرد ورسالته الأسمى, فتحية لكل متمرد, وتحية لكل من (ألحد) عن الطريق السائد ورمى بعرض الحائط كل الإنتقادات لإلحاده।
الموضوع بالكامل على منتدى الملحدين العرب
لاحظت في الاونة الاخيرة أن الشخصية المسلمة تقع في بعض الإشكاليات لا تستطيع أن تواجهها بالعقل والمنطق, فتضطر آسفة لإستخدام تبريرات تعلم جيداً صعوبة الإقناع بواسطتها لأصحاب الفكر الآخر, وتستمر في التشبث بتلك التبريرات بل والدفاع المستميت عنها لدرجة الإقتناع فيما بعد أنه لولا تلك التبريرات لما إستمر الدين الإسلامي اربعة عشر قرناً من الزمان !
ويلجأ المسلم لبعض الخدع التبريرة لمواجهة الإنتقادات التي يتعرض لها دينه في محاولة لرأب الصدع وترقيع الثوب ومحو البقع السوداء أو على الأقل إخفائها, ومن تلك الخدع الآتي :
1 - تأويل النصوص بما يناسب ما تتطلبه ظروف المناقشة.
2 - لي عنق الحقائق العلمية والتاريخية بما يبرر لا إنسانية الكثير من المواقف الإسلامية سواء عن الرسول أو الخلفاء والصحابة.
3 - إعتبار النصوص السماوية ليست محل شك أو نقص بما يبرر بالضرورة أي تصرف لا إنساني أو غير منطقي لأي شخصية إسلامية وعلى رأسهم الرسول نفسه.
4 - إعتبار الفعل الرسولي وحي من السماء لا مراء في قدسيته مهما كانت بشاعته.
من خلال تلك الخدع والوسائل التبريرة والتي تدخل تحت بند المهدئات والمسكنات للعقل يناقش المسلم غيره, في حين أن من يناقشه لا يقتنع تماماً بأي منها إما لأنه لا يقدس النص الإسلامي أو لأنه يأبى تبرير كل ما هو لا إنساني مهما كانت الظروف التاريخية التي سببته, وهنا يصل النقاش إلى طريق مسدود لا رجعة فيه, يصر فيه جانب على قدسية النص مهما كانت الأفكار التي يدعو إليها, ويصر الجانب الآخر على تجريم النص نظراً للامعقوليته من جهة أو لتناقضه مع أبسط حقوق الإنسان من جهة أخرى.
ولأن التبريرات كانت ودوماً محل شك في صحتها أو معقوليتها أو قابلية الإقتناع بها طرأ في ذهني إستخدام اللعبة الشهيرة (ماذا لو؟) في محاولة لتغيير بعض أسس الدين الإسلامي وتاريخه ولنرى ماذا ستكون إجابة المسلمون وقتها لتبرير تلك الأفعال والإستماتة في الدفاع عنها, ولنبدأ أولاً بوضع أسس جديدة للدين الإسلامي ولنرى التبريرات التي ستسوق بشأنها :
1 - الدين الإسلامي يمنع تعدد الزوجات, ويبيح الطلاق في حالة إتفاق كلا الطرفين عليه لإستحالة الحياة بينهما مع حفظ كامل حقوق الطرفين.
التبرير :
ما أعظم هذا الدين ! لا يعطي أحدهما الحق ويمنعه عن الآخر, تخيلوا لو كان يسمح بتعدد الزوجات أ, الأزواج, كيف سيكون وضع الزوجة الآن إذا وجدت زوجها يجمع بينها وبين صديقتها مثلاً ؟ أ, إستيقظت من النوم صباحاً على خبر زواجه من خلال تليفون مجهول, تخيلوا شعور الزوجة وهي ليس لها الحق في التمتع بزوجها بالكامل, وتخيلوا وضعها وهي تعلم أنه من حقه التمتع بعدة زوجات في حين أنها ليس لها سوى (بعض) من زوجها ؟ ديننا يمنع تماماً ظلم المرأة, ويجعلها مصونة لا تأخذ أكثر من حقها ولا ينتقص من حقوقها شيء, فإذا أرادت الزواج بآخر طلبت الطلاق بكل سهولة وتزوجت بغيره, والرجل نفس الحال, لا يأخذ أكثر من حقه, وإذا أراد الزواج بأخرى يطلب الطلاق بهدوء وتنتهي المشكلة, ويقول قائل ولماذا لا تبيحون التعدد طالما أن الرجل قادر على الجمع بين أكثر من زوجة ؟ ونقول أن شرع الله حرّم تماماً أ نتُعامل الزوجة على أنها سلعة تباع وتشترى أو معين لإفراغ المتعة الجنسية, ومن عدل الله سبحانه وتعالى أنه علم أن الزوجة لا يمكنها الجمع بين عدة أزواج حتى لا تختلط الأنساب, وبالتالي منع الزوج من التعدد حتى يعطي أحدهما الحق فيما هو مستحيل للآخر, فسبحان عدله ورحمته وكفى بالإسلام نعمة.
2 - توزع المواريث بنسب متساوية بين الوارثين إلا في حالة وجود وصية كتبت والمتوفي بكامل قواه العقلية.
التبرير :
لا توجد تفرقة في ديننا الحنيف بين الجنسين, الكل متساوون في الحقوق والواجبات, وجاء النص القرآني لينصف الإنسان بعد ظلم وجور, وهاهو يمنح الرجل والمرأة نفس الحق في الميراث, ويقول قائل ولماذا لا يأخذ الرجل أكثر من المرأة طالما هو المسئول عن الإنفاق على بيته وأسرته ؟ ونرد عليهم بأن الإسلام دين لكل زمان ولكل مكان, ومن حكمة الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم أنه لم يعطي الحق لأحد الزوجين بالإنفاق ومنعه عن الآخر, فالكل متساوون في الحقوق ومن حق الزوجين تنظيم حياتهك كيفما يرون, ولحكمته لم يربط بين الميراث والإنفاق على الأسرة, فقد تحتاج المرأة الميراث لتسيير شئون حياتها تبعاً للظروف, وقد تحتاج المرأة المتزوجة للميراث أكثر من أخاها المتزوج, والحكمة الآلهية الأعم والأشمل تنحصر في العدل بكل صوره, فمهما كانت الظروف والملابسات يثنهي العدل أي مشكلة, أو ضغينة, أو حقد أو أي خطأ بشري قد يقع نتيجة للتفرقة بين الإنسان وأخاه الإنسان, إنها حكمته الآلهية سبحانه وتعالى ونحمد الله على نعمة الإسلام.
3 - حاكم المسلمين لا يحكم بالإسلام طالما كانت الدولة ليست إسلامية 100%, والحكم الإسلامي لا يخضع للنص, وإنما يخضع لما تفرضة شئون الدولة والسياسة والجيران والمجتمع, ويتداول الحكم في الإسلام بأخذ آراء الأغلبية, وترشح كل مجموعة فرد منها ترى فيه الإمكانية والمؤهلات المطلوبة للحكم, يترك باقي نظام الحكم بما يناسب المجتمع.
التبرير:
يراعي الدين الإسلامي إحتياجات الشعوب من حيث الثقافة أو اظروف الإجتماعية أو نظام الحكم الذي يناسبها, ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أنه لم يجعل الحكم تبعاً لنص ثابت قد لا يتناسب مع زمان أو مكان بعينه, وإنما وضع الأسس فقط, وهي أسس ديموقراطية صرفه تناسب كل زمان وكل مكان, وترك التفاصيل مرنة يضعها الشعب نفسه كما يرى وكما يناسبه, ويقول قائل لماذا لم يضع الله القوانين المنظمة لمخلوقاته بنفسه, فهو الأقدر على وضع تلك القوانين بالعدل المطلق والحكمة الآلهية التي لا تنتهي, ونقول أنه تعلى أشار في قرآنه الكريم إلى إختلاف القبائل والشعوب, وهذا الإختلاف نفسه هو السبب الرئيسي في ترك مسألة تنظيم الحكم وقوانينه للبشر, والله عندما وضع الأسس راعى أن تصلح لكل مخلوقاته, وعندما ترك التفاصيل راعى أن تضعها مخلوقاته كيفما تناسبه, وهي حكمته التي لا تنتهي والتي بغيرها تسود الفوضى ويعم الخراب.
4 - الدعوة للإسلام بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة هي الطريق لنشره, لا يُرفع سيف ولا تجيش الجيوش, لا قتل ولا سبي ولا أسر ولا غزو ولا فتح, حملات الدعوة يجب أن تكون سلمية بالأساس, والدين لا ينتشر إلا بالإقناع ودخول القلب.
التبرير :
حقاً إنه دين الرحمه والإخاء والتسامح والمحبة, لم يرد الله سبحانه وتعالى أن ينتشر دينه في الأرض إلا بالكلمة والإقتناع, بالموعظة والحب, بالعقل والإحساس, ولو كان نشر الدين بالسيف والقوة لما دخل القلوب وإقتنعت به العقول, ويقول قائل ولماذا لا ننشر دين الله بقوة السيف أ, بفرض الضرائب على من لا يدخل فيه ؟ فنقول أنه سبحانه وتعالى أرسل لنا بدين لا يحتاج للقوة ولا للضرائب, دين إذا أوصلته كاملاً إنبهرت به العقول وسكنت به القلوب وإرتاحت له النفوس, وإذا كان نشر الدين بالقوة لقيل أنه دين عنف وإرهاب وسبف, لكنه دين الحب والتسامح والإخاء, دين لم يراق بواسطته نقطة دم ولم يُأسر فيه رجل ولم تُسبى فيه إمرأة ولم توزع فيه غنائم, دين رحمة وصداقة, فمن لم يرد الدخول فيه فهو إنسان بلأول والأخير, ويبقى المسلم أخ وصديق للملل الأخرى بدون تفرقة أو تفضيل, فحقاً إنه دين العدل والمساواة.
5 - يحرم على المسلمين إمتلاك بشر مثلهم, فيحرم تماماً إمتلاك الجواري أو الإماء أو السرائر, كذلك يحرم تماماً إمتلاك العبيد وتجارة الرقيق.
التبرير :
جاء الإسلام لنشر الرحمة والمساواة بين البشر, ولأنه دين جاء ليُخرج الإنسان من الظلمات للنور, فقام بتحريم كل أشكال العبودية والرق التي كانت سائدة قبله, وهو تصحيح لمسار البشرية ورقي بها, وجاء تحريم العبودية بمثابة فتح صفحة جديدة في التاريخ البشري كله, بعدها, وبفضله, أُلغي الرق في العالم بأسره على مدى سنوات كان بدايتها الإسلام, ويقول قائل ولم أصر الدين على إلغاء الرق والعبودية طالما أن الأوضاع كانت مستقرة ؟ ألم يكن من الأفضل إعطاء الفرصة للعبيد والإماء ليختاروا ما إذا كانوا يودون الإستمرار مع أسيادهم أو متابعة حياتهم ؟ ونقول أن الإسلام أتاح الحرية كاملة لأفراده, وللحرية شروط, أهمها ألا يمتلك الإنسان أخيه الإنسان, وإلا فقد الحرية معناها الأصيل, والإنسان هنا حر تماماً فيما يراه أفضل لحياته, فقد يود الإستمرار مع مالكه كعامل أو أجير, وليس كعبد, وهنا الأمر مختلف تماماً, فلم يهادن الدين الإسلامي في حق الإنسان في حريته, ولم يعطي الغني الحق في إمتلاك الروح, ولم يجعل السلطة معيار لإمتلاك البشر, وإنما جاء المنع قاطعاً لا ريب فيه, مانعاً لا هوادة في تنفيذه, لأن الإنسان حقيقة لا يملك ماهو أكثر أهمية من حريته الشخصية.
ها قد إنتهينا من الجزء الأول الخاص بأسس الدين الإسلامي ورأينا كيف تتبدل التبريرات كيفما يريد المسلم, وكيف من الممكن إقناع الطرف الآخر بالشيء ونقيضه في آن واحد, وفي الجزء الثاني سنعرض لبعض الأحداث التاريخية من وجهة نظر (ماذا لو؟) وسنرى معاً كيف سيبررها المسلم كما حدث مع الأسس الإسلامية ....
الموضوع بالكامل على منتدى الملحدين العرب
كلما تطرقت لموضوع حرية الإعتقاد والتدين في الإسلام وجدت الصورة وردية رائعة مبهجة تبشّر بمستقبل ناصع البياض لا تشوبه شبهة الكره أو العنصرية أو التعصب, ولكن هيهات, يصر الإسلام ومن خلفه المسلمون على التناقض المثير للشفقة بين إدعائهم بحرية التدين وتقبل الأديان السماوية (السماوية فقط) وإحترامها وعدم التعرض لمتبعيها وبين (التضييق عليهم) ودعوتهم للإسلام دوماً والحض على كراهيتهم (لأنهم لن يرضوا عنا حتى نتبعهم) وفي أوقات كثيرة تحريم التعامل معهم أو حتى السلام عليهم (لأنهم مشركون كفرة محرفة دياناتهم أنجاس تبعا لقول القرآن الكريم "المشركون نجس") ....
والتناقض العجيب في التعامل مع أصحاب الديانات السماوية الأخرى في القرآن والسنة لا ينتهي, بل ويمتد أحياناً إلى الديانات الوضعية, فالتناقض واضح كما يلي :
البقرة - سورة 2 - آية 62 :
"إن الذين امنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون "
النصارى والصابئين (ديانة يقال انها امتداد للحنيفية ولها تأثير عظيم على الإسلام) وكل من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً (إنظروا للتعميم المخل) لا خوف عليهم, أي أنهم في أمان ربهم ونهايتهم الواضحة ليست بجهنم ولا التعذيب الأبدي, فهو يطمئنهم ويأخذ بيدهم ويعدهم بعدم الحزن, إنها محاولة واضحة لكسب الود والإرضاء وبيان مدى سماحة الدين الجديد تجاه الآخرين, الذين ما أن يروا هذه السماحة والأدب والمحبة إما أن يعلنوا إسلامهم إعجابا أو على أقل تقدير سيعاملون أتباع الدين الجديد بمثل معاملتهم, وهو المطلوب في وقت نزول الآية حيث لا زال الإسلام في بدايته ويحتاج لتحييد البعض وكسب ود البعض الآخر وإفحام البعض بمدى وداعة وبساطة الدين القادم ....
ثم نرى خطوة أخرى غرضها (في رأيي المتواضع) خبيث لأقصى درجة, ولنرى :
سورة البقرة - سورة 2 - آية 113
"وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون"
كلاً من النصارى واليهود يتهم الآخر بأنه باطل وأن الآخر الحق, من الواضح إسلوب فرق تسد, يختلف اليهود والنصارى فيما بينهم وتدور رحى المجادلات والمشاحنات حتى يفصل بينهم الله يوم القيامة (الله يتكلم عن نفسه ؟؟!! لماذا لم يقل "فأحكم بينهم يوم القيامة"؟), كل هذا يحدث فيما يتابع المسلمون بكل ود ومحبة, لا يتدخلون فيما بين الفريقين المتصارعين, فالله سيحكم بمن الأحق يوم القيامة (مع أننا نعلم أن المسلمون لا يعترفون بأي حق لأي دين آخر غير الإسلام !!), وهو موقف محايد تماماً لا غرض من وراءه سوى تبيان بطلان كل فريق لمعتقدات الآخر وبالتالي بدء التشكيك فيها والنظر للوافد الجديد ودينه الناشىء ....
ثم نأتي للحظة الحاسمة, وهي يا للعجب, في نفس السورة, لحظة تبيان العداء الأبدي بين المسلمين واليهود والنصارى, العداء الذي سيكون الأساس فيه معرفة باطن كل يهودي ومسيحي دون إنتظار للتأكد من صحة هذا الباطن, إليكم :
سورة البقرة - سورة 2 - آية 120 :
"ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل ان هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت اهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير"
تلك الآية على وجه التحديد يستخدمها المسلمون الآن ليبرروا بها كراهيتهم العميقة لليهود والمسيحيين, فهم لن يرضوا عنا حتى نتبع دينهم, مع أن كثير منهم لا يهمهم بأي حال من الأحوال إن إتبع دينهم مسلم أو غيره ففي النهاية هم لديهم "ما لله لله وما لقيصر لقيصر", كما أن المسلمون أنفسهم يصرون على أن يتبع الآخرون دينهم عن طريق الجهاد أو الدعوة أو الأسلمة ولو بالقوة وتحت تهديد السلاح, والأعجب أننا لم نرى غزو مسيحي أو يهودي لنشر أي من الديانتين بالقوة والإرهاب, في حين أن تاريخ التوسع الإسلامي كله لم يكتب إلا بدماء أهل الدول التي غزتها سنابك خيول الإسلام تحت راية لا إله إلا الله وسيف الصحابة والخلفاء والأمراء فيما بعد, لن ترضى اليهود والنصارى إلا أن تتبع دينهم, ولن يرضى الإسلام أيضاً إلا أن يتبعوا ملته, هل توجد إزدواجية مريضة بتلك الصورة إلا في الإسلام ؟
ومن عجائب الأمور أن تجد مسلم يتفاخر بأنه لا يستهزأ بأديان غيره وخاصة السماوية منها رغم تحريفها, مع أن قرآنه نفسه يقول :
سورة المائدة - سورة 5 - آية 18 :
"وقالت اليهود والنصارى نحن ابناء الله واحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل انتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والارض وما بينهما واليه المصير "
الغريب أن القرآن لا يفرق بين اليهود والنصارى عندما يقول "فلم يعذبكم بذنوبكم", فهو تقريباً لا يعلم أن المسيحية فقط هي التي تختص بجزئية تعذيب المسيح بذنوب المسيحيين, ولكن يبدو أن عداء القرآن المستحكم للمسيحية جعلته ينقدها (مع أنها دين نفس الآله الذي أنزل القرآن) دون أن يراعي أن بجانبها اليهودية التي لا تحتوي على تعذيب أحد بذنوب أحد !!! وهو هنا يسخر من فكرة التضحية المسيحية بكل غرابة, فلماذا يسخر من معتقدات أشخاص إتبعوا دين هو نفسه من أنزله ولم يستطع الحفاظ عليه يوماً ؟ وكأن الذنب ذنبهم أنه لم يحافظ على دينهم وحافظ على دين غيرهم !!
فإذا كان القرآن يسخر من أتباع الأديان السماوية بتلك الصورة المرضية, فلماذا لا يسخر المسلمون منهم ؟ مع العلم أن القرآن معجز وقدوة ولا ينطق عن هوى !!
ثم ينتقل بنا القرآن لمزيد من التفرقة والعنصرية وإقصاء الآخر, فيقول :
سورة المائدة - سورة 5 - آية 51 :
"يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء بعضهم اولياء بعض ومن يتولهم منكم فانه منهم ان الله لا يهدي القوم الظالمين "
وهو هنا يحذر من آمن من المسلمون أن يتخذوا من اليهود أو النصارى على (وجه التحديد) أولياء عليهم, فهم من ناحية كفرة مغضوب عليهم وضالين لا يجوز التعامل معهم, ومن ناحية أخرى يضع للمسلمين مكانة أعلى وأرفع من غيرهم من البشر, فلا تجوز ولاية غير المسلم على المسلم, فهل تجوز ولاية العبد على السيد ؟ هل تجوز ولاية السريرة على الزوجة ؟ هل تجوز ولايةالإعرابي على العربي ؟ بالطبع لا !! لأنه ليس دين المواطنة أو المساواة كما يدّعي البعض, وأتحدى أن تقام دولة مدنية حقيقية يتبع فيها الحاكم القرآن بالنص !!! مرة أخرى الإزدواجية العجيبة التي لا تعبر سوى عن مآزق المسلم بين أدعاؤه بالديموقراطية والحرية والمساواة والعدل وبين أقدس كتاب يؤمن به, لم نتكلم عن الحديث الشريف أو السيرة, ففيهم ما فيهم وبأكثر بكثير ....
لاحظوا معي هذه الملحوظة البسيطة :
سورة الحج - سورة 22 - آية 17 :
"ان الذين امنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين اشركوا ان الله يفصل بينهم يوم القيامة ان الله على كل شيء شهيد"
النصارى مع الصابئين والمجوس والمشركين !!!!! كلهم في جعبة واحدة, لا فرق بينهم, لهذا يعتبر بعض المسلمون أن المسيحية الحالية من الممكن أن تعامل معاملة الديانات الوضعية الإنسانية لأنها حرفت ولم تعد سماوية صِرفة, والفضل بالطبع للقرآن السمح الذي لا يحقر من ديانات الآخرين خاصة التي أنزلها صاحب القرآن نفسه !!
وللنظر إلى الحديث الأشهر عن معاملة أتباع الديانات السماوية الأخرى بعد أن قويت شوكة الإسلام ومحمد :
حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز، - يعني الدراوردي - عن سهيل، عن ابيه، عن ابي هريرة، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام فاذا لقيتم احدهم في طريق فاضطروه الى اضيقه " . صحيح مسلم
فهل من سماحة ومحبة وسلام وتقبل للآخر أكثر مما في الإسلام ؟
رسول الرحمة لا يلعن ولا يدعو لقتل البشر ممن لم يتبعوه, ويحرت معتقداتهم أياً كانت :
حدثنا هارون بن سعيد الايلي، حدثنا ابن وهب، اخبرني يونس، ومالك، عن ابن شهاب، حدثني سعيد بن المسيب، ان ابا هريرة، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قاتل الله اليهود اتخذوا قبور انبيائهم مساجد " . صحيح مسلم
وحدثني هارون بن سعيد الايلي، وحرملة بن يحيى، قال حرملة اخبرنا وقال، هارون حدثنا ابن وهب، اخبرني يونس، عن ابن شهاب، اخبرني عبيد الله بن عبد الله، ان عائشة، وعبد الله بن عباس، قالا لما نزلت برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فاذا اغتم كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك " لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد " . يحذر مثل ما صنعوا . صحيح مسلم
ومن آداب الحديث مع أصحاب المعتقدات الأخرى أن تصفهم بالسفهاء !!
حدثنا عبد الله بن رجاء، قال حدثنا اسرائيل، عن ابي اسحاق، عن البراء بن عازب ـ رضى الله عنهما ـ قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس ستة عشر او سبعة عشر شهرا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب ان يوجه الى الكعبة، فانزل الله {قد نرى تقلب وجهك في السماء} فتوجه نحو الكعبة، وقال السفهاء من الناس ـ وهم اليهود ـ ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها {قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء الى صراط مستقيم} فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم رجل ثم خرج بعد ما صلى، فمر على قوم من الانصار في صلاة العصر نحو بيت المقدس فقال هو يشهد انه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانه توجه نحو الكعبة. فتحرف القوم حتى توجهوا نحو الكعبة. صحيح البخاري
وبالطبع لا يوجد ما يمنع السخرية من معتقدات أصحاب ديانة سماوية على المنبر !
حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، قال سمعت الزهري، يقول اخبرني عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، سمع عمر ـ رضى الله عنه ـ يقول على المنبر سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول " لا تطروني كما اطرت النصارى ابن مريم، فانما انا عبده، فقولوا عبد الله ورسوله. صحيح البخاري
أعتقد أنه بعد عرض تلك الأمثلة من القرآن والسنة الصحيحة لا يجوز أن يأتي المسلمون ليتكلموا عن الإسلام الحقيقي أو الصحيح الذي يدعو للمساواة والمواطنة والحب والتآخي والسلام, مع العلم أنني لم آت بشيء من السيرة النبوية العطرة, وهي تشمل العديد والعديد من تلك الأمثلة وأكثر بكثير, لأن البعض من المسلمين سيصفونها بالكتب الصفراء والحمراء والخضراء وأنها ليست حجة على الإسلام وأن كاتبيها معادين لله ورسوله ... إلخ
لا عتب على كره المسلمين لغيرهم وإحتقارهم لأديانهم ومعتقداتهم, فإذا كان من شروط المسلم الحقيقي إزدراء غيره وتحقيره والجهاد ضده وإستحلال أمواله ونسائه, فلا أرى داعي لتوقع الخير ممن يريدون تطبيق الإسلام كما أُنزل في القرآن والسنة الصحيحة, مع العلم أن كل تلك الأمثلة تقصد بالاصل متبعي الأديان السماوية, فما بالكم بالملحدين أو اللادينيين أو البهائيين أو السيخ أو الهندوس .....إلخ
في النهاية نقول أن الإزدواجية والتناقض الإسلامي لا نهاية له طالما أصر الإسلاميين على إرتداء قناع لا يناسبهم ليصلوا لأغراضهم التي أمرهم بها القرآن والرسول, زعند أول فرصة يتمكنوا فيها من إعتلاء سدنة الحكم والسيطرة من جديد ستتكشف كل الأقنعة وستزول مساحيق التجميل البريئة وستتساقط جلود وجوههم كأنها لم تكن, ووقتها فقط سنرى الإسلام الحقيقي كما يريده الله ورسوله, ولنا في الإخوان المسلمون عبرة, فعندما نادى احد كبرائهم بجواز تولي غير المسلم أو المرأة الولاية تساقطت عليه سهام ورماح زملائه مطالبين إياه بالرجوع للحق والتنصل من اراؤه المخالفة لصحيح الإسلام الذي يرفض تماماً تولي غير المسلم والمرأة الولاية !! وهو كشف مبكر لأحد أقنعة الإسلام الزائفة, والبقية تأتي।
الموضوع بالكامل على منتدى الملحدين العرب